أولا"المقصود بالعلوم الدينية"
لقد جرى الاصطلاح على القول بأن هناك علوماً دينية وأخرى غير دينية. ويقصد بالعلوم الدينية تلك التي تدور مباشرة حول مسائل الدين الاعتقادية أو الأخلاقية أو العملية, أو تلك العلوم التي تعتبر مقدمة لتعلم المعارف الدينية وأحكامها, مثل الأدب العربي أو المنطق.
قد يظن بعضهم أن باقي العلوم الأخرى غريبة على الدين تماماً, وأن كل ما قيل في الإسلام في فضل العلم وثواب طلبه وأجره ينحصر بتلك العلوم التي اصطلحنا عليها بالعلوم الدينية, أو إذا أطلق الرسول (ص) صفة الفريضة على العلم, فإنه قصد به تلك العلوم المذكورة.
الواقع أن هذا ليس سوى مصطلح فحسب. ففي نظرة, تنحصر العلوم الدينية بتلك المتون الدينية الأولى, أي القرآن وسنة الرسول (ص) وأوصيائه. ففي صدر الإسلام, يوم لم يكن المسلمون قد عرفوا الإسلام بعد على خير وجه, كان من الواجب عليهم أن يبدؤوا بتعلم تلك المتون الأولية, ويومئذ لم تكن هناك علوم كعلوم الكلام والفقه والأصول والمنطق وتاريخ الإسلام وغيرها. إنما الحديث المنقول عن النبي أنه قال "إنما العلم ثلاثة آية محكمة وفريضة عادلة وسنة قائمة" فهو إنما كان ينظر إلى تكاليف المسلمين وأحوالهم يوم ذاك, ولكن المسلمين, بعد أن أتقنوا تلك المتون الأولية الأساس, اعتبروا العلم مطلقاً, بحكم القرآن وأحاديث الرسول, فريضة مفروضة على المسلم, ومن ثم ظهرت علوم ودونت. وفي نظرة أخرى, كل علم ينفع المسلمين, ويحل عقدة من عقدهم يعتبر فريضة دينية وعلماً دينياً.
إذن, كل علم ينفع المسلمين وأحوالهم ولازم لهم, يعتبر من العلوم الدينية. فلو أخلص امرؤ نيته لخدمة الإسلام والمسلمين وتعلم علماً لشمله الثواب والأجر اللذين قيلا لتحصيل العلم, ولكان ممن ينطبق عليهم الحديث "وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم". أما إذا لم تخلص نيته, فلا ثواب على تحصين بأن يكون كل علم نافع للمجتمع الإسلامي ولازم له, علماً دينياً.
يمكن النظر إلى العلوم من زاويتين تناسباً مع طبيعة العلوم نفسها: الزاوية الأولى العلوم المعلوماتية، وهي تراكم من الحقول العلمية التي ليس لها آثار دينية أو اجتماعية مباشرة، كعلم اللغة العربية والرياضيات والفيزياء وكثير أشباهها.
والزاوية الثانية العلوم الدينية، وهي كل ما له أثر ديني ودنيوي وأخروي ـ أو اجتماعي من تلك العلوم ـ وبذلك تكون دائرة هذه العلوم مستوعبة للعلوم الدينية البحتة، وأيضاً كل ما له أثر ديني أو اجتماعي في سائر العلوم الأخرى، كالشق الذي يتصل بمباحث الربا وتوزيع الثروة والعدالة الاجتماعية في علم الاقتصاد، أو الشق الذي يتعلق بالمحافظة على الحياة الإنسانية والنظام في علم الأحياء ـ البيولوجيا ـ أو البعد الذي له علاقة بالسيطرة والحكم والإدارة في علم السياسة وما أشبه ... فكل هذه الشقوق والأبعاد ذات صلة بالدين والمجتمع ولها آثار مباشرة عليهما.
يمكن تفصيل هذه العلوم كما يتضح لنا من خلال الاستقراء للحاجة الدينية، في أربعة فصول
الفصل الأول ـ الأسس العقيدية: والتي يمكن الاصطلاح عليها (ضروريات الدين)، فيها يحصل التمايز التام بين المعتقد المسلم وبين المنكر الكافر ...
فهذه الأسس ينبغي لكل مسلم التعرف عليها والاعتراف بها على نحو التفصيل لا الإجمال
ويقف على رأس هذه العلوم، التوحيد وتجلياته وما يحمل معه من أسماء الله وصفاته، وقضية الرسل والرسالات خاصة ما يتصل بالرسالة الختمية، وكذلك الامتداد الطبيعي لهذه الرسالة المتمثل في مشروع الإمامة لكونها منصباً إلهياً وليست حكماً فرعياً ... وبالتالي كل ما يتصل بهذه المسائل من موضوعات.
ويمكن ملاحظة هذا الفصل في قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) الأنبياء/ 25.
(والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون) البقرة/ 4.
(فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا...) التغابن/ 8.
الفصل الثاني: النظريات الكبرى والمفاهيم التفصيلية للدين
وهي عبارة عن تراكم كبير من السنن الإلهية والأنظمة الربانية المتحكمة في مسيرة الحياة عبر التاريخ، التي لا يطرأ عليها التبدل والتحول ... ثم القيم والحكم ـ أو الكلمات ، والتي ما هي إلا إشعاعات للسنن الإلهية وتجلياتها التفصيلية في مختلف مرافق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ... وهكذا تليها المجاميع الهائلة من الوصايا والإرشادات الدينية التي تمتلئ بها صفحات القرآن العظيم، الملحوظة في توصيات الخالق جل وعلا إلى أنبيائه، أو في إرشادات الأنبياء والحكماء إلى مجتمعاتهم.
ويمكن رؤية هذا الفصل في عدة آيات قرآنية، منها قوله تعالى:
السنن: (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) آل عمران/ 137.
القيم: (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته...) الأعراف/ 158، (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته...) الأنعام/ 115.
الوصايا: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه...) الشورى/ 13.
(ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً...) لقمان/ 18.
ومن المفترض أن يكون الحقل العلمي المناقش لجميع هذه النظريات والمفاهيم، علم القرآن الكريم ـ
الفصل الثالث: التشريعات في مجالي العبادات والمعاملات:
وهي تنحل في هيئة أحكام تكليفيه ـ إلزامية وترخيصيه ـ ووضعية.
وتلحظ مثل هذه الأمور في العرض القرآني، في مثل قوله تعالى: (... وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون) البقرة/ 233.(يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر) لقمان/ 17.
(ون أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم...) المائدة/ 49.
ويمكن الوقوف على جميع هذه المفردات التشريعية، في خصوص علم الفقه، فهو المتكفل باستيعابها جميعاً.
الفصل الرابع: مناهج النظر والتفكير
وهي عبارة عن السبل والطرق التي تهدي العقل في سعيه نحو الحقائق والأفكار ... وذلك أن الدين حين شرّع لنا أحكاماً من جهة، وأمرنا بالتعقل والتفكير من جهة أخرى، فإنه وضع لنا طرقاً من شأنها قيادة العقل إلى تلك الأحكام، وصيانته من الزلل، وتلك الطرق من قبيل الاستناد إلى اليقين، وعدم إغفال الغيب ... الخ.
وقد عبّرت الآيات القرآنية عن هذه الطرق تارة بالمنهج وتارة بالسبل، كما في قوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً) المائدة/ 48.
(وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فنفرق بكم عن سبيله) الأنعام/ 153.
وهذه المناهج والسبل يهتم بمناقشتها علماء الأصول والفلسفة0
ثانيا مفهوم علم الحديث
وهو ينقسم إلى قسمين
القسم الأول علم الحديث رواية
تعريفه هو علم يشتمل على أقوال النبي وأفعاله وتقريراته وصفاته وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها ويُبْحَث فى هذا العلم عن رواية الأحاديث وضبطها ودراسة أسانيدها ومعرفة حال كل حديث من حيث القبول والرد ومعرفة شرحه ومعناه وما يُستنبط منه من فوائد .
القسم الثاني علم الحديث دراية
ويُطلق عليه مصطلح الحديث أو أصول الحديث أو علوم الحديث
تعريفه هو العلم بقواعد يُعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول أو الرد أو هو القواعد المُعَرِّفة بحال الراوي والمروى وعلم الحديث دراية يُوَصِّل إلى معرفة المقبول من المردود بشكل عام أي بوضع قواعد عامة فأما علم رواية الحديث فإنه يَبْحث فى هذا الحديث المُعَيَّن الذي تريده فَيُبَيِّن بتطبيق تلك القواعد أنه مقبول أو مردود ويضبط روايته وشرحه فهو إذًا يبحث بحثا جزئيا تطبيقيا فالفرق بينهما كالفرق بين النحو والإعراب وكالفرق بين أصول الفقه وبين الفقه .
تعريف الحديث ما أُضيف إلى النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ويشمل أيضًا ما أُضيف إلى الصحابة والتابعين .
تعريف الخبر قيل هو مرادف للحديث وقيل مغاير له فالحديث ما جاء عن النبى والخبر ما جاء عن غيره وقيل أعم منه أى أن الحديث ما جاء عن النبى والخبر ما جاء عنه أو عن غيره .
تعريف الأثر قيل هو مرادف للحديث وقيل هو مغاير له وهو ما أُضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال
.